--------------------------------------------------------------------------------
ذات يوم وقبل طلوعي من البيت لإنجاز بعض الأعمال والمشاغل.. ذهبت إلى أمي -حفظها الله وأطال عمرها - لأقبل رأسها وأخبرها بأني سوف أخرج لمشاغلي.. فقالت: "الله يحفظك ويردك سالما يا ولدي" ... خرجت من البيت وأنهيت جميع مشاغلي فعدت أدراجي إلى البيت... ولكن في الطريق حدث لي حادثا مروعاً .. فقبل وصولي إلى البيت وبينما كنت أقود سيارتي الصالون في الشارع العام على السرعة 100كم/س .. تفاجأت باصطدام عنيف حيث دخلت سيارتي في شاحنة من النوع ال3طن وأنا على السرعة 100 !! تخيل الموقف !! ليس هذا فقط .. بل وفي نفس اللحظة صدمتني سيارة أخرى من الخلف!! لكم أن تتخيلوا هذا الحادث المريع... تغير شكل سيارتي من جراء الحادث الذي ربما لو رأيتموها لم تعرفوا نوعها ... فقدت وعيي للحظات وأنا أسمع صوت الاصطدام الأول فالثاني وصوت الحديد و تهشم الزجاج .. تجمع الناس فالمكان وتركزت الأنظار حولي .. لم أستوعب المنظر وظننت أني في حلم.. والعجيب أنني خرجت من السيارة لأراها ولكي أتفحص آثار الحادث بل لأتفحص نفسي .. لم أرى أية كسور ولا جروح فحمدت الله وشكرته فتذكرت حينها كلمات أمي قبل خروجي من المنزل : "الله يحفظك ويردك سالما يا ولدي" ...
إنه دعاء أمي الذي كان سببا في نجاتي من هذا الحادث الخطير ، أطال الله عمرها ومدها بالعافية الدائمة .
بعد الحادث بساعة اتصلت بي أمي وقالت لي: "ليش تأخرت يا ولدي؟ قلبي يقول لي إنك مش مرتاح!! صار لك شي؟؟"
فأجبتها بأني بخير ولم يحدث شيء وبأنني ذاهبٌ إلى الشركة وطلبت منها أن يتناولوا الغداء بدوني لأنني سوف أتأخر عليهم بسبب أشغالي ... لم أرغب في أن أُقلِقها ... وبعد ساعة رجعت إلى المنزل وقبلت رأس أمي وأخبرتها بالحادث وقلتُ لها: (نجاني الله بدعائكِ يا أمي) .. رأيت دموع الفرح في عينيها فلم أتمالك نفسي حتى دمعت عيناي معها .
هذه قصة حدثت لي مع دعاء أمي السنة الماضية شهر ديسمبر...
أخواني وأخواتي .. إنه دعاء الأم .. من منا يدرك روعة دعاء الأم؟! أنقذني دعاء أمي من حادثٍ شنيع كدتُ أموت فيه لولا حفظ الله لي بدعائها .. إذا أحسست بهمٍ ما فإني أذهب لأقبل رأسها وأطلب دعاءها فيزول همي وتسهُل أموري..
من منا يدرك هذا الشيء؟؟ من منا يدرك قيمة بر الوالدين؟ من منا يدرك قيمة دعائهما؟
إذا رضيا عنا فهذا كسبٌ كبير وقربٌ من الرحمن عظيم... ولو سخطا علينا فيا ويلنا من سخط الوالدين ومن قبول سوء دعواتهما .. أخواني وأخواتي.. احذروا من دعاء الأب والأم بالسوء ... فإنها مستجابة ... وعقوق الوالدين ذنب من أخطر الذنوب وعائق من أكبر العوائق للتوفيق وحاجز من الحواجز بيننا وبين الجنة ومن أسهل السبل المؤدية إلى النار ..
قال تعالى: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا......... )
الجنة تحت أقدام الأمهات ... فهلا انتبهنا لذلك ... لو كنا نعلم قيمة الأم وجزاء الابن و الابنة البارين بها لقبـلنا أقدامها ولازمناها واتخذناها طريقا للتقرب إلى الله تعالى وسبيلا مؤديا إلى الجنة ..
( عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رجلاً قال : (( يا رسول الله ، من أحق الناس بحسن صحابتي ؟قال : أمك ، قال : ثم من ؟ قال : ثم أمك ، قال : ثم من ؟ قال : ثم أمك ، قال : ثم من ؟ قال : ثم أبوك . رواه البخاري ...)
من منا سيدرك ذلك؟ من منا سيدرك نعمة وجود الوالدين في حياته؟ من منا سيتخذ برهما طريقاً للتقرب إلى الرحمن وسبيلا للبركة في حياته؟؟ من منا سيدرك قيمة دعاء الوالدين ويطلبه؟؟
يكفي التذكير بأننا لن نُرضي الله عز وجل حتى نرضي والدينا... ولن نرضي والدينا حتى نبر بهما ونقبل رأسيهما .. وحينما نكسب رضا الوالدين .. فيا لحسن حظنا من دعاء والدينا لنا ..