[أنا وعباءتي وطبيب طفلي
أخترت لكم من مجلة الأسرة العدد 182 بتصرف
أنا وعباءتي وطبيب طفلي
دخلت إلى عيادة طبيب الأطفال وأنا أحمل طفلي بين يدي واضعة عباءتي فوق رأسي, وبدوت في هيئتي المتواضعة لطبيب طفلي وكأنني أم ليس لديها أي ثقافة طبية أوعلم بوضع طفلها وحالته. أخذ الطبيب يوجه إلي نصائح وتوجيهات كانت بالنسبة لي من المسلمات وتمثل الجزء القليل من ثقافتي الصحية التي أكتسبتها من خلال رعايتي وتطبيبي للأطفالي في مراحل عمرهم المتفاوتة, كنت أتجاوب مع إرشاداته وأجيب على اسئلته بشكل لم يتوقعه من امرأة تلبس عباءة ساترةغير مزركشة وفوق رأسها أيضا, فتسأل في استغراب: أنت معلمة؟ فرددت بفخر: أنا أستاذة في الجامعة, تسأل تحملين الدكتوراة؟! قلت نعم وحصلت عليها من الولايات المتحدة الأمريكية.
فكأنني قلت كلمة السرالتي فتحت لي جميع الأبواب المغلقة, وتغير أسلوب الطبيب 180 درجة عرض علي جميع الخدمات التي أستحقها والتي لا أستحقها حتى الإجازة المرضية عرضها علي, أما عن موعد طفلي فقال لو أردته غدا سأرتبه لك, وأطلبي من الأدوية ماتحتاجين ومالا تحتاجين فكلها متوفرة في صيدلية المستوصف.
تتابع الدكتورة
لماذا ينظر إلى المرأة التي تضع عباءتها بشموخ وكبرياء فوق رأسها وكأنها امرأة متخلفة فاتها ركب التقدم والرقي؟؟؟؟؟؟؟؟ لماذا هي دائما تنادى بخالة حتى وإن كانت في مقتبل عمرها؟؟؟؟؟ في حين أن من تلبس العباءة المزركشة الضيقة ينظر إليها وكأنها سيدة قومها وتحمل أعلى الشهادات وأقلها أنها تنادى ""مدموزيل"" "وأنسة" حتى لوكانت قد تخطت مرحلة الشباب بسنوات عدة. أمر غريب! وزمان عجيب! فعندما يتمسك الإنسان بقيمه ومبادئه ينر إليه وكأنه إنسان جاهل ومتخلف, وعندما يجرفه التيار ويتخلى عن أمور كانت تعد من الأسس ويركض خلف مفاهيم مستحدثة ينظر إليهوكأنه يمثل الرقي والتحضر.
تساؤلات تطرحها
ترى أين الخلل؟ هل أصبحت هذه المفاهيم الجديدة المستحدثة تؤثر في قيمنا ومبادئنا؟
هل أصبحت قيمتنا ومكانتنا في المجتمع بقدر انسلاخنا وبعدنا عن قيمنا ومبادئنا؟
أكلما اقتربنا من النموذج الغربي أصبحنا نبدو للناس أكثر رقيا وأجدر بالإحترام؟
هل أصبح المظهر أساس مقياسنا على الشخص دون النظر إلى جوهره وماقدمه لمجتمعه من خدمات وتضحيات وما يحمله من علم ودين؟
هل حقا أصبحنا في زمان أخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم "بأن القابض على دينه كالقابض على الجمر"؟
أسأل الله الثبات لي ولأخواتي القابضات على الجمر.
د. الجوهرة بنت محمد العمر
جامعة الرياض للبنات
منقول لاجلكم