السؤال: فضيلة الشيخ، تعلمون ـ رعاكم الله ـ خبر سماح وزارة التربية والتعليم للمدارس الأهلية بالاختلاط في الصفوف الأولى في المرحلة الابتدائية، وقد أفادت مصادر رسمية أنه تم تطبيق ذلك في عشر مدارس بجُدة، علما أن هذا مخالف للنظام، وسيعرض على مجلس الشورى لدراسته، نأمل منكم بيان الحكم الشرعي في ذلك، وتوجيه رسالة للمسؤولين، والله يحفظكم ويرعاكم.
الجواب: الحمد لله : لقد جرى عمل المسلمين قرونا متطاولة على الفصل بين الرجال والنساء، في المجامع والمساجد والمدارس، حتى بين الصبيان من بنين وبنات في التعليم، وهذا موجَب الفطرة والعقل ومقاصدِ الشرع، ولهذا شرع الله لكل من الجنسين أحكاما تناسب طبيعته وتكوينه، وجعل للعلاقة بين الجنسين حدودا لا يجوز تعديها، ومن المعلوم أن التمايز بين الذكر والأنثى يبدأ من الطفولة، بل قد يكون قبل ذلك، فالقوة والخشونة والسيادة والجرأة هي الأصل في الرجل، والنعومة والضعف والتبعية والحياء هي الأصل في الأنثى، قالت امرأة عمران: ((رب إني وضعتها أنثى والله أعلم بما وضعت وليس الذكر كالأنثى)) وقال تعالى في شأن الأنثى: ((أو من ينشأ في الحلية وهو في الخصام غير مبين))، ومن المغالطات الباطلة حسا وعقلا دعوى مساواة المرأة للرجل في العقل والتفكير والقُدَر وتحمل الصعاب والمسؤوليات، واعتبر ذلك في نسب النجاح والإنتاج بين الجنسين؛ فإنك تجد المرأة إلى الرجل بنسبة (1/10000) واحد على عشرة آلاف، بل دون ذلك، في المجالات السياسية والعسكرية والهندسية والعلمية والفكرية، وفي مجال الاختراعات والابتكار، والأعمال ذات الأخطار، في البر والجو والبحار.
ومن أعظم ما أصاب المسلمين في شأن المرأة وغيرها التبعية للغرب الكافر، حتى صار المستغربون يلهجون بأكذوبة مساواة المرأة بالرجل، والدعوة إلى التسوية بينهما في جميع شؤون الحياة، ومن هذا المنطلق صاروا يدعون إلى الاختلاط في التعليم والعمل، وقد تم لهم ذلك في كثير من البلاد الإسلامية، وقد غزت هذه الدعوة بلادنا بلاد الحرمين المملكة العربية السعودية، فصار المسؤولون عن التعليم يعملون جاهدين لذلك، بخطط ماكرة، ومن ذلك القرار القاضي بالإذن للمدارس الأهلية في الصفوف الأولى بتدريس البنين في مدارس البنات، لتعلمهم المعلمات في صفوف مستقلة الآن، ولا يخفى على المتدبر أن هذا من التدرج في الوصول إلى الغاية، حتى لا تحدث الصدمة وردة الفعل، وهذا القرار ينطبق عليه قول الإمام الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله، في بيان له حول اقتراح بعض النساء تعليم النساء للبنين في المرحلة الابتدائية، قال: ((وأعتقد أن هذا الاقتراح مما ألقاه الشيطان، أو بعض نوابه على لسان فائزة ونورة المذكورتين، وهو بلا شك مما يسر أعداءنا وأعداء الإسلام، ومما يدعون إليه سراً وجهراً))([1]) انتهى.
وتعليمُ البنين في مدارس البنات يخالف ما دلت عليه الدراسات من فشله، وانعكاساته السيئة على الذكور؛ من تأنيث طباعهم، وإضعاف معاني الرجولة في نفوسهم، بتأثير المعلمات ومخالطة البنات، دع ما ينشأ عن ذلك من فساد أخلاق الجنسين، فهم مهيؤون للانحراف في هذه السن، وإن كانت أعمارهم ما بين السابعة إلى العاشرة، فكيف بما بعد ذلك!
ومن العجب أن قومنا يتبعون من سبقهم في ذلك، من دول الغرب في الوقت الذي تراجع فيه الغرب عن دمج الذكور بالإناث في التعليم.
وبناء على ما سبق من:
1ـ مخالفة هذا القرار لعمل المسلمين.
2ـ والتبعية فيه للغرب.
3ـ وللمفاسد المترتبة على تطبيقه.
أرى أنه حرام، ولذلك فإني أنصح كل من رزقه الله البنين ألا يلحقوا أبناءهم في المدارس التي تعلمهم فيها النساء، محافظة على طباعهم وأخلاقهم ومستقبلهم. كما أني أنصح المسؤولين عن التعليم في بلاد الحرمين أن يتقوا الله، ويرجعوا عن هذا القرار، فإن الرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل، وأذكرهم بقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ((من سن في الإسلام سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة)) الحديث، والله يدينا صراطه المستقيم بمنه وكرمه، وصلى الله وسلم على نبينا محمد